خطر الإعلام في هذا
الشهر
الحمد
لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، أحمده حمداً لا ينفد، أفضل ما ينبغي أن يُحمد.
وأصلي وأسلم على أفضل المرسلين محمد، وعلى
آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان فصام وصلى وتعبَّد.
أما بعد:
فيا أيها الناس: حسن العبادة ووفرة الطمأنينة
الناتجة عن الذكر والتذكير والمدارسة في هذا الشهر المبارك تبدو واضحة جلية في
استشعار عظمة هذا الشهر والإحساس بحرمته وهيبته، والبُعد عن المنغصات والملهيات
التي تفسد على المرء دينه، أو تشوش عليه عبادته، أو تخلق له جواً من المتضادات
اللامسئولة، فكما أن للشهر مرغبات وحوافز، فإن هناك مزعجات ومنغصات، ينبغي أن
يزِمَّ المسلمون نفوسهم عنها.
فمن ذلكم -عباد الله- ما يُشاهَد من حركة
نشطة واستنفار مثير للدهشة في برامج مرئية عبر أقمار متنوعة، تفتقد إلى الهدف
المنشود من خلاف عرض ما يخدش الحياء أو ينشر الإثم، مما يحلق الدين قبل حلق العفاف
والحياء، فيبرز الطرب والسهر الذي يتناوش الرشيد والسفيه والقويم والفاسق.
وكأن معدِّي تلك المشاهد قد رأوا الأمة في
حالة من المحاصرة عن الترويح بحلول هذا الشهر المبارك، أو أنهم على شفا جرف هلكة،
لا يتم الإيناس فيها والتعويض عن الصوم والإمساك فيها عما يغضب الله إلا بمثل ذلك،
فلا غرو أنه بذلك يختل برنا برمضان، ثم إن الأمة بذلك تخسر في كل لحظة مواطناً
صالحاً، يضل بسبب مشهد يغش به ويخدع، ويسرق ويغتال ويتعلم مما يرى كيف يتخلص من
عقوبة السرقة، أو بفتاة فاتنة يصورون فكاكها من غيرة وليها بالتضليل عليه، أو
بالتعويل على إلفة الاختلاط بين الجنسين، وليس بمثل هذا يترفه الناس، ولا يتعلم
الناس، ولا يصلح الناس؛ إذ كيف يستقيم الظل حينئذٍ والعود
أعوج؟!......
خطر
الاختلاط
ومنغص آخر من المنغصات
في هذا الشهر المبارك يتمثل في وضع الشباب والفتيات حينما يشغلون أوقاتهم فيما يذهب
سبهللاً؛ بحيث لا يغوي الشباب إلا الطرق والممرات، فيزعجون ويوقظون ويلحظون
ويضايقون، حتى تبدو الممرات والطرق، وكأنها لهم مأدبات إبليسية بتلقي القبيح من
القول، والسيئ من الفعل.
وأما الفتاة المسلمة فبإضاعة وقتها في التفنن
بأنواع الطعام والشراب إن هي أحسنت، أو أن تكون خرَّاجة ولاَّجة جرياً بين الأسواق،
أو أماكن العبادة، دون تقيد بآداب الشرع أو إعطاء الطريق حقه بالحشمة والستر
والبُعد عن أن تَفتن أو تُفتن، فتحمل بذلك الوزر من حيث أرادت الأجر، وليس ذلك
بمُعْفٍ للوالدَين عن المسئولية، فالكل راعٍ، والكل مسئول عن رعيته، و{
كفى بالمرء إثماً أن يضيع
من يعول }.
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت
على إبراهيم وعلى آل إبراهيم .. إنك حميد مجيد.
وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على
إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين .. إنك حميد مجيد.